Kamis, 16 Maret 2017

وضح علي طالب العلم عن القواعد الذي يحتاج المفسر منها في مسألة السؤال والجواب



الباب الأول
أ‌.         مقدمة
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ولا إله إلا الله إله الأولين والآخرين وقيوم السماوات والأرضين ومالك يوم الدين الذي لا فوز إلا في طاعته ولا عز إلا في التذلل لعظمته ولا غنى إلا في الإفتقار إلى رحمته ولا هدى إلا في الإستهداء بنوره ولا حياة إلا في رضاه ولا نعيم إلا في قربه ولا صلاح للقلب ولا فلاح إلا في الإخلاص له وتوحيد حبه الذي إذا أطيع شكر وإذا عصي تاب وغفر وإذا دعي أجاب وإذا عومل أثاب.
ب‌.     بحث المشكلات
كيف يوضح علي طالب العلم عن القواعد الذي يحتاج المفسر منها في مسألة السؤال والجواب.
 الباب الثاني
البحث
لا بد علي طالب العلم في تناول علم من معرفة أسسه العامة ومميزاته الخاصة حتى يكون الطالب له على بصيرة، وبقدر ما يتمكن الإنسان من آلة العلم بقدر ما يحرز من نصر فيه، حيث يلج فصوله من أبوابها وقد أعطي مفاتيحها، وإذا كان القرآن الكريم قد نزل بلسان عربي مبين: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ، فإن القواعد التي يحتاج إليها المفسِّر في فهم القرآن ترتكز على قواعد العربية، وفهم أسسها، وتذوق أسلوبها، وإدراك أسرارها، ولذلك كله فصول متناثرة، ومباحث مستفيضة في فروع العربية وعلومها، إلا أننا نستطيع أن نجمع موجزًا لأهم ما يجب معرفته في الأمور الآتية[1]: منها عن السؤال و الجواب.
الأصل في الجواب أن يكون مطابقا للسؤال إذا كان السؤال متوجها وقد يعدل في الجواب عما يقتضيه السؤال تنبيها على أنه كان من حق السؤال أن يكون كذلك ويسميه السكاكي: الأسلوب الحكيم.
وقد يجيء الجواب أعم من السؤال للحاجة إليه في السؤال وقد يجيء أنقص لاقتضاء الحال ذلك. مثال ما عدل عنه قوله تعالى: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} سألوا عن الهلال: لم يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يتزايد قليلا قليلا حتى يمتلئ ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ؟ فأجيبوا ببيان حكمة ذلك تنبيها على أن الأهم السؤال عن ذلك لا ما سألوا عنه كذا قال السكاكي: ومتابعوه واسترسل التفتازاني في الكلام إلى أن قال: لأنهم ليسوا ممن يطلع على دقائق الهيئة بسهولة.
وأقول: ليت شعري من أين لهم أن السؤال وقع عن غير ما حصل الجواب به! وما المانع من أن يكون إنما وقع عن حكمة ذلك ليعلموها فإن نظم الآية محتمل لذلك كما أنه محتمل لما قالوه. والجواب ببيان الحكمة دليل على ترجيح الاحتمال الذي قلناه وقرينة ترشد إلى ذلك.
إذ الأصل في الجواب المطابقة للسؤال والخروج عن الأصل يحتاج إلى دليل ولم يرد بإسناد لا صحيح ولا غيره أن السؤال وقع على ما ذكروه بل ورد ما يؤيد ما قلناه: فأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال: بلغنا أنهم قالوا: يا رسول الله لم خلقت الأهلة فأنزل الله: {يسألونك عن الأهلة} فهذا صريح في أنهم سألوا عن حكمة ذلك لا عن كيفيته من جهة الهيئة ولا يظن ذو دين بالصحابة الذين هم أدق فهما وأغزر علما أنهم ليسوا ممن يطلع على دقائق الهيئة بسهولة وقد اطلع عليها آحاد العجم الذين أطبق الناس على أنهم أبلد أذهانا من العرب بكثير هذا لو كان للهيئة أصل معتبر فكيف وأكثرها فاسد لا دليل عليه وقد صنفت كتابا في نقض أكثر مسائلها بالأدلة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي صعد إلى السماء ورآها عيانا وعلم ما حوته من عجائب الملكوت بالمشاهدة وأتاه الوحي من خالقها ولو كان السؤال وقع عما ذكروه لم يمتنع أن يجابوا عنه بلفظ يصل إلى أفهامهم كما وقع ذلك لما سألوا عن المجرة وغيرها من الملكوتيات نعم المثال الصحيح لهذا القسم جواب موسى لفرعون حيث قال: {وما رب العالمين قل رب السماوات والأرض وما بينهما} ،
لأن "ما" سؤال عن الماهية والجنس ولما كان هذا السؤال في حق البارئ سبحانه وتعالى خطأ لأنه لا جنس له فيذكر ولا تدرك ذاته عدل إلى الجواب بالصواب ببيان الوصف المرشد إلى معرفته ولهذا تعجب فرعون من عدم مطابقته للسؤال فقال لمن حوله: {ألا تستمعون} أي جوابه الذي لم يطابق السؤال فأجاب موسى بقوله: {ربكم ورب آبائكم الأولين} المتضمن إبطال ما يعتقدونه من ربوبية فرعون نصا وإن كان دخل في الأول ضمنا إغلاظا فزاد فرعون في الاستهزاء فلما رآهم موسى لم يتفطنوا أغلظ في الثالث بقوله: {إن كنتم تعقلون} .
ومثال الزيادة في الجواب قوله تعالى: {الله ينجيكم منها ومن كل كرب} في جواب: {من ينجيكم من ظلمات البر والبحر} .
وقول موسى: {هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي} في جواب: {وما تلك بيمينك يا موسى} زاد في الجواب استلذاذا بخطاب الله تعالى.
وقول قوم إبراهيم: {نعبد أصناما فنظل لها عاكفين} في جواب: {ما تعبدون} زادوا في الجواب إظهارا للابتهاج بعبادتها والاستمرار على مواظبتها ليزداد غيظ السائل.
ومثال النقص منه قوله تعالى: {ما يكون لي أن أبدله} في جواب: {ائت بقرآن غير هذا أو بدله} أجاب عن التبديل دون الاختراع. قال الزمخشري: لأن التبديل في إمكان البشر دون الاختراع فطوى ذكره للتنبيه على أنه سؤال محال.
وقال غيره: التبديل أسهل من الاختراع وقد نفي إمكانه، فالاختراع أولى.
قد يعدل عن الجواب أصلا، إذا كان السائل قصده التعنت، نحو: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} قال صاحب الإفصاح: إنما سأل اليهود تعجيزا وتغليظا، إذا كان الروح يقال بالاشتراك على روح الإنسان والقرآن وعيسى وجبريل وملك آخر وصنف من الملائكة، فقصد اليهود أن يسألوه فبأي مسمى أجابهم قالوا: ليس هو، فجاءهم الجواب مجملا، وكان هذا الاحتمال كيدا يرد به كيدهم.
قيل: أصل الجواب أن يعاد فيه نفس السؤال، ليكون وفقه نحو: {أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف} فـ {أنا} في جوابه هو {أنت؟} في سؤالهم وكذا: {أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا} فهذا أصله، ثم إنهم أتوا عوض ذلك بحروف الجواب اختصارا وتركا للتكرار.
وقد يحذف السؤال ثقة بفهم السامع بتقديره، نحو: {قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده} فإنه لا يستقيم أن يكون السؤال والجواب من واحد، فتعين أن يكون " قل الله " جواب سؤال، كأنهم سألوا لما سمعوا ذلك: فمن يبدأ الخلق ثم يعيده؟
الأصل في الجواب أن يكون مشاكلا للسؤال، فإن كان جملة اسمية فينبغي أن يكون الجواب كذلك. ويجيء كذلك في الجواب المقدر، إلا أن ابن مالك قال في قولك: زيد في جواب من قرأ إنه من باب حذف الفعل على جعل الجواب جملة فعلية. قال: وإنما قدرته كذلك لا مبتدأ مع احتماله جريا على عادتهم في الأجوبة إذا قصدوا تمامها قال تعالى: {من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها} ، {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم} {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات} فلما أتى بالفعلية مع فوات مشاكلة السؤال علم أن تقدير الفعل أولا أولى. انتهى.
وقال ابن الزملكاني في البرهان: أطلق النحويون القول بأن زيدا في جواب من قام؟ فاعل على تقدير قام زيد والذي توجبه صناعة علم البيان أنه مبتدأ لوجهين:
أحدهما: أنه يطابق الجملة المسؤول بها في الاسمية كما وقع التطابق في قوله: {وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا} في الفعلية وإنما لم يقع التطابق في قوله: {ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين} لأنهم لو طابقوا لكانوا مقرين بالإنزال وهم من الإذعان به على مفاوز.
الثاني: أن اللبس لم يقع عند السائل إلا فيمن فعل الفعل فوجب
أن يتقدم الفاعل في المعنى لأنه متعلق غرض السائل وأما الفعل فمعلوم عنده ولا حاجة به إلى السؤال عنه فحري أن يقع في الأواخر التي هي محل التكملات والفضلات.
وأشكل على هذا {بل فعله كبيرهم} في جواب: {أأنت فعلت هذا} فإن السؤال وقع عن الفاعل لا عن الفعل فإنهم لم يستفهموه عن الكسر بل عن الكاسر ومع ذلك صدر الجواب بالفعل.
وأجيب بأن الجواب مقدر دل عليه السياق إذ " بل " لا تصلح أن يصدر بها الكلام والتقدير: "ما فعلته بل فعله ".
قال الشيخ عبد القاهر: حيث كان السؤال ملفوظا به فالأكثر ترك الفعل في الجواب والاقتصار على الاسم وحده وحيث كان مضمرا فالأكثر لتصريح به لضعف الدلالة عليه ومن غير الأكثر: {يسبح له فيها بالغدو والآصال} في قراءة البناء للمفعول.
أخرج البزار عن ابن عباس قال ما رأيت قوما خيرا من أصحاب محمد ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألة كلها في القرآن.
وأورده الإمام الرازي بلفظ " أربعة عشر حرفا "، وقال: منها ثمانية في البقرة: {وإذا سألك عبادي عني} .{يسألونك عن الأهلة} .{يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم} .{يسألونك عن الشهر الحرام} .{يسألونك عن الخمر والميسر}.{ويسألونك عن اليتامى} . {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} . {ويسألونك عن المحيض} . والتاسع: {يسألونك ماذا أحل لهم} في المائدة.والعاشر: {يسألونك عن الأنفال} .والحادي عشر: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها} .والثاني عشر: {ويسألونك عن الجبال} . والثالث عشر: {ويسألونك عن الروح} .والرابع عشر: {ويسألونك عن ذي القرنين} .
قلت السائل عن الروح وعن ذي القرنين مشركوا مكة واليهود كما في أسباب النزول لا الصحابة فالخالص اثنا عشر كما صحت به الرواية. قال الراغب: السؤال إذا كان للتعريف تعدى إلى المفعول الثاني تارة بنفسه وتارة بـ" عن " وهو أكثر نحو: {ويسألونك عن الروح} وإذا كان لاستدعاء مال فإنه يعدى بنفسه أو بمن وبنفسه أكثر نحو: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} {واسألوا ما أنفقتم} {واسألوا الله من فضله} .[2]
الباب الثالث
الخلاصة
كما هو معلوم ان السؤال اما ان يكون بجملة فعلية او بجملة اسمية وعليه فإن الجواب يجب ان يكون من جنس السؤال اي انه اما ان يكون بجملة فعلية او جملة اسمية وهذا يسمى في العرف البلاغي التشاكل,الأصل في الجواب أن يكون مطابقاً للسؤال، إذا كان السؤال متوجّهاً، وقد يُعْدَل في الجواب عما يقتضيه السؤال، تنبيهاً على أنّه كان من حقّ السؤال أن يكون كذلك، ويُسَمّيه السكاكي الأسلوب الحكيم. وقد يجيء الجواب أعمَّ من السؤال للحاجة إليه في السؤال وأغفله المتكلم.
وقد يجيء أنقص لضرورة الحال.هذا ما قاله الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن. لقد ورد لفظ يسألونك 15مرة في القرآن:9 مرات يسألونك,و6 مرات محلاة بالواو(ويسألونك).
مرجع
مناع بن خليل القطان, مباحث في علوم القرآن, (مباحث في علوم القرآن, الطبعة الثالثة 1421هـ) ص 198
جلال الدين السيوطي, الإتقان في علوم القرآن,( الهيئة المصرية العامة للكتاب, 1394هـ/ 1974 م ) ج 2 ص 369_370



[1] مناع بن خليل القطان, مباحث في علوم القرآن, (مباحث في علوم القرآن, الطبعة الثالثة 1421هـ) ص 198
[2] جلال الدين السيوطي, الإتقان في علوم القرآن,( الهيئة المصرية العامة للكتاب, 1394هـ/ 1974 م ) ج 2 ص 369_370

Tidak ada komentar:

Posting Komentar